فصل: جِمَاعُ أَبْوَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ الرَّجُلِ يَنْسَى الصَّلَاةَ ثُمَّ يَذْكُرُهَا وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَنْسَى الصَّلَاةَ فَيَذْكُرُهَا وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِالَّذِي يَنْسَى إِلَّا أَنْ يَخَافَ فَوَاتَ الَّتِي قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الَّتِي قَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا صَلَّاهَا ثُمَّ صَلَّى الَّتِي نَسِيَ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ بِالَّتِي ذَكَرَ فَيُصَلِّيهَا وَإِنْ فَاتَتْهُ هَذِهِ، وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لِيَبْتَدِئْ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ إِذْ كُنَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَبْدَأُ بِهِنَّ وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ وَقْتِهَا ثُمَّ صَلَّاهَا بَعْدَهُنَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّاهَا لِوَقْتِهَا ثُمَّ قَضَاهَا بَعْدُ، وَقَدْ تَرَكْتُ حِكَايَاتٍ لِمَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَلَيْسَ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَرْءُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ فِي خَبَرٍ وَلَا نَظَرٍ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَهُ، وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى مَنْ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً فَصَلَّى صَلَاةً بَعْدَهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ الصَّلَاةَ الَّتِي فَاتَتْهُ أَعَادَ مَا صَلَّى وَإِنَّمَا يُصَلِّي الْفَائِتَةَ لَا غَيْرَ حِجَجٍ، فَمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ عَنِ الصُّبْحِ فَارْتَحَلَ عَنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَّرَ الْفَائِتَةَ، وَصَلَاتُهَا مُمْكِنَةٌ لَهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» بِأَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةِ الْفَرْضِ عَنْهُ لَا عَلَى مَعْنَى أَنَّ وَقْتَ ذِكْرِهِ إِيَّاهَا وَقْتُهَا لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرُ، وَلِأَنَّهُ لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ قَضَاءُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ فَحَنِثَ فِي يَمِينٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ ظِهَارٍ فَأَدَّى ذَلِكَ قَبْلَ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قَضَاءِ الْأَيَّامِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ بَدَأَ بِأَيِّ ذَلِكَ بِدَايَةً أَنَّ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَانَ مُسِيئًا فِي تَأْخِيرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ.

.ذِكْرُ الرَّجُلِ يَذْكُرُ صَلَاةً فَائِتَةً وَهُوَ فِي أُخْرَى:

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَيَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً قَبْلَهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَفْسُدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَلَكِنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ فَذَكَرَ الظُّهْرَ يَجْعَلُ صَلَاتَهُ مَعَهُ سُبْحَةً ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلِّي الْعَصْرَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي الصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ الْفَائِتَةَ، هَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ قَالَا: إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ أَوْ يَجْلِسَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ تَرَكَ هَذِهِ وَعَادَ إِلَى تِلْكَ وَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اعْتَدَّ بِهَذِهِ وَعَادَ إِلَى تِلْكَ، وَثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُصَلِّي بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ.
1138- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ فَلْيُصَلِّ الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُصَلِّ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى».
1139- حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فَلْيَبْدَأْ بِالَّذِي بَدَأَ اللهُ بِهِ» وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِذَا فَاتَهُ الظُّهْرُ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعَصْرِ فَذَكَرَهَا قَالَ: يُتِمُّ وَيُعِيدُهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَذَكَرَهَا وَهُوَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى قَالَ: يُتِمُّ تِلْكَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ يُعِيدُ هَذِهِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهُوَ فِيهَا، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ تَرَكَ صَلَاتَهُ مُتَعَمِّدًا فَرَّطَ فِيهَا فِي نِسْيَانِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَهَا فَقَالَ: يَقْضِيهَا وَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ لَهَا ذَاكِرٌ، قِيلَ لَهُ وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةٍ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَذَكَرَ صَلَاةً فَائِتَةً، فَإِنْ كَانَ فَائِتُهُ صَلَاةً وَاحِدَةً إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَوَاتِ فَإِنْ هُوَ صَلَّى صَلَاةً فِي وَقْتِهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَوَائِتِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ الْفَوَائِتَ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ ذَكَرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا ثُمَّ دَخَلَهَا وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا إِلَّا أَنْ يَذْكُرَهَا فِي آخِرِ وَقْتِ صَلَاةٍ إِنْ هُوَ بَدَأَ بِالْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ وَقْتُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ حِينَئِذٍ بِهَذِهِ الَّتِي يَخَافُ فَوْتَهَا ثُمَّ يُصَلِّي الْفَوَائِتَ وَإِنْ كَانَتْ فَوَائِتُهُ سِتَّ صَلَوَاتٍ فَصَاعِدًا فَذَكَرَهَا فِي وَقْتِ صَلَاةٍ وَقَدْ دَخَلَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بَدَأَ بِالَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ الْفَوَائِتِ ثُمَّ قَضَى الْفَوَائِتَ جَازَتْ صَلَاتُهُ كُلُّهَا وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَاحِدَةً فَذَكَرَهَا وَقَدْ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ يَرَى الصَّلَاةَ الَّتِي نَسِيَهَا وَبَيْنَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا وَبَدَأَ بِالَّتِي نَسِيَهَا فَصَلَّاهَا ثُمَّ صَلَّى هَذِهِ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَهَا وَهُوَ فِي أُخْرَى فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا سِتَّ صَلَوَاتٍ فَصَاعِدًا لَمْ تَفْسُدْ هَذِهِ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا فَيُتِمُّهَا ثُمَّ يُصَلِّي الَّتِي نَسِيَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفَوَائِتُ خَمْسًا أَوْ سِتًّا فَرْقٌ وَلَا مَعْنَى لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ مَا لَا يَفْتَرِقُ بِحُجَّةٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَخْلُو مَنْ صَلَّى صَلَاةً وَعَلَيْهِ غَيْرُهَا مِنْ إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ إِمَّا أَنْ لَا يُجْزِيَهِ إِلَّا عَلَى الْمَوْلَى الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، أَوْ يُجْزِيهِ فِي أَيِّ حَالٍ صَلَّى صَلَاةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّهُ إِنْ صَلَّى صَلَاةً فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَجْزَأَهُ وَقَضَى ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا تَبْطَلَ صَلَاةٌ صُلِّيَتْ فِي وَقْتٍ لِفَوَاتِ أُخْرَى قَبْلَهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا ذَكَرَ رَجُلٌ صَلَاةً فَائِتَةً وَهُوَ فِي صَلَاةٍ بَعْدَهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا بِذِكْرِهِ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ، وَلَوْ عَمَدَ فَدَخَلَ فِي صَلَاةٍ وَهُوَ ذَاكِرٌ عِنْدَ دُخُولِهِ فِيهَا أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةً قَبْلَهَا لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ هَذِهِ وَأَجْزَأَتْهُ هَذِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الَّتِي ذَكَرَهَا وَقَدْ رَكَعَ أَصْحَابُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَرَجُوا عَنِ الْوَادِي بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِمْ فَرْضٌ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ وَعَلَيْهِ فَرْضٌ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا وَعَلَيْهِ فَرْضٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.جِمَاعُ أَبْوَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ:

ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ فِي حَجَّتِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَجَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ.
1140- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ: ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِّلَتْ بِهِ ثُمَّ أَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَدَفَعَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.
1141- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا.

.ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي السَّفَرِ:

1142- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَجِلَ فِي السَّيْرِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَّسِعْ فِي الْعِلْمِ يَحْسِبُ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِي الْحَالِ الَّتِي يَجِدُّ بِالْمُسَافِرِ السَّيْرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ.
1143- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ لَا يَرُوحُ حَتَّى يُبْرِدَ وَيَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَإِذَا أَمْسَى جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَدَلَّ قَوْلُهُ فَكَانَ لَا يَرُوحُ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ وَأَنَا ذَاكِرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ وَلَيْسَ هَذَا خِلَافٌ لِلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا جَائِزٌ نَازِلًا وَسَائِرًا، حَكَى ابْنُ عُمَرَ مَا رَأَى مِنْ فِعْلِهِ وَذَكَرَ مُعَاذٌ مَا فَعَلَ فَأَخْبَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا رَأَى، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ نَازِلًا وَسَائِرًا، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيُوقَفُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّالَّةِ عَلَى جَمْعِهِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَذَكَرْنَا جَمْعَهُ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ أَسْفَارِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْلِ بِسَائِرِهَا فَمَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَتَوَارَثَتْهُ الْأَئِمَّةُ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ وَتَبِعَهُمُ النَّاسُ عَلَيْهِ مُنْذُ زَمَانِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ، الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَجْمَعَ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ.
1144- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: اصْطَحَبْتُ أَنَا وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى مَكَّةَ وَخَرَجْنَا مُوَافَدَيْنِ فَجَعَلَ سَعْدٌ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، يُقَدِّمُ مِنْ هَذِهِ قَلِيلًا وَيُؤَخِّرُ مِنْ هَذِهِ قَلِيلًا حَتَّى جِئْنَا مَكَّةَ.
1145- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَأُسَامَةُ فَكَانَا يُجْمَعَانِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
1146- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا كُنْتُمْ سَائِرِينَ فَنَابَكُمُ الْمَنْزِلُ فَسِيرُوا حَتَّى تُصِيبُوا مَنْزِلًا فَتَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كُنْتُمْ نُزُولًا فَعَجِلَ بِكُمْ أَمْرٌ فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا ثُمَّ ارْتَحِلُوا.
1147- وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: صَحِبْتُ أَبَا مُوسَى فَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
1148- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي السَّفَرِ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَلَيْلَةَ جَمْعٍ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجْمَعُ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا مَا خَلَا عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ كَرَاهِيَةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ رَوَاهُ أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ جَمْعًا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا.
1149- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: اعْلَمْ أَنَّ جَمْعًا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ.
1150- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: صَلُّوا كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا، وَكَرِهَ مَكْحُولٌ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَكَانَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ يَنْزِلُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا لَا يَجْمَعُونَ فِي السَّفَرِ وَلَا يُصَلُّونَ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُ لِانْقِطَاعِ إِسْنَادِهِ، وَلَيْسَ يَخْلُو خَبَرُ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ فِي حَالٍ وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي حَالٍ، فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا خِلَافًا لِجَمْعِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذْ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ جَائِزٌ فِعْلُهُ أَوْ يَتَحَامَلُ مُتَحَامِلٌ فَيَقُولُ: إِنَّ فِي رِوَايَةِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ تَقِيًّا لِأَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ جَمَعَ فِي حَالٍ، وَهَذَا يَبْعُدُ لِأَنَّ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَتْقَنُ مِنْ عَبْدِ اللهِ وَأَحْفَظُ مِنْهُ لِلرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ إِذَا انْفَرَدَ بِرِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَإِذَا انْفَرَدَ غَيْرُهُ مِمَّنْ رَوَوْا عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَرِوَايَتُهُ حُجَّةٌ وَالَّذِينَ رَوَوْا ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مُتْقِنٌ لِحَدِيثِ نَافِعٍ ضَابِطٌ لَهُ مِنْهُمْ أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ طَبَقَةٌ ثَانِيَةٌ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَعُمَرُ بْنُ نَافِعٍ مَعَ أَنَّ عَبْدَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ قَدْ خَالَفَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُولُ وَلَا مَعْنَى لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ مَا سَنَّهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ إِذْ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَالسُّنَّةُ إِذَا ثَبَتَتِ اسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ.